كلمة مديرة معهد الترجمة
الأستاذة الدكتورة عديلة بن عودة
إنه لمن نافلة القول إن الترجمة ليست وليدة الأمس، وإنما هي وليدة زمن تمتد جذوره في أعماق التاريخ، وقد تذوق بواكير ثمارها آباء البشر الناطقون بلغات متباينة، وبفضلها فتحت نوافذ عديدة للمعرفة، وسطعت أنوارها في مختلف أنحاء العالم. فقد أصبحت الترجمة في زماننا هذا، زمن العولمة، ذات اليد الطولى، فبإمكانها أن ترفع من شأن أمم وتحط من شأن أخرى، لهذا ازداد الاهتمام بها في التدريس والإقبال على امتهانها، وهذا ما اضطلع به معهد الترجمة الذي يعد من المعاهد الرائدة في تدريس الترجمة، سواء في الوطن العربي أم في شمال إفريقيا، ولاسيما في ميدان الترجمة الشفوية، منذ تأسيسه عام 1962، عند إنشاءه تحت مسمى المدرسة العليا للترجمة التي أعيد هيكلتها مرات عدة إلى أن تحولت إلى "قسم الترجمة" التابع لمعهد اللغات الأجنبية وفيما بعد إلى "معهد الترجمة" ثم "قسم الترجمة" ضمن كلية الآداب واللغات بجامعة الجزائر إلى أن تمت الهيكلة الأخيرة وتحويل القسم إلى "معهد الترجمة" مجدداً تابعاً لجامعة الجزائر2.
ومن المعروف أن تدريس الترجمة في جامعات العالم بصفة عامة ذو وجهين، أحدهما أكاديمي والآخر مهني، أما في معهدنا فينحصر في التعليم الأكاديمي في تخصصين اثنين هما الترجمة الكتابية والترجمة الشفوية، وفي إطارهما تدرّس تخصصات فرعية، وتوفر الترجمة الشفوية ولاسيما الفورية منها فرص عمل مهمة في المحافل الدولية وغيرها، وينوي المعهد فتح تخصص في الترجمة المهنية مستقبلا، ويتوزع التكوين حاليا على ستة فروع موزعة في أقسام وفق التركيبات اللغوية الآتية:
1- قسم ترجمة عربي- اللغات اللاتينية:
فرع عربي – فرنسي.
فرع عربي – اسباني.
فرع عربي-إيطالي (مستقبلا)
2- قسم ترجمة عربي- اللغات الجرمانية و اللغات الشرقية:
فرع عربي – انجليزي.
فرع عربي – ألماني.
فرع عربي – روسي.
فرع عربي – تركي.
فرع عربي- صيني (مستقبلا)
فرع عربي- فارسي (مستقبلا )
ولا يقتصر التكوين في معهدنا على تدريس الترجمة المتخصصة وإنما يوفر للطلبة معلومات ثقافية وحضارية وتكنولوجية تخدم الترجمة، وهو تكوين يجنى منه فوائد كل تكوين جامعي توفره مؤسسات التعليم المعترف بها عالميا.
ويعمل الطاقم البيداغوجي على مراجعة برامج التكوين مراجعة مستمرة قصد تحيينها وتكييفها مع المحيط ومع المقامات المتنوعة التي قد يصادفها الأساتذة والطلبة أثناء التكوين الجامعي الأساسي وأثناء التربصات المهنية، كما يسعى الطاقم البيداغوجي إلى جعل التكوين في توافق مستمر مع تطورات سوق العمل.
يتوج التكوين في المعهد بشهادة جامعية ذات قيمة مؤسساتية واجتماعية واقتصادية، فهي شهادة تسمح لحامليها بولوج سوق العمل من بابه الواسع، بحكم أن الترجمة تمس جميع المجالات، حيث ساهم معهد الترجمة ولا يزال يساهم في تكوين المترجمين والتراجمة الذين هم مصدر فخره، فعلاوة على معظم الأساتذة الذي يدرسون فيه، كوَّن وخرَّج المعهد مترجمين وتراجمة مشهود لهم بالكفاءة والخبرة يعملون حالياً بالمنظمات الدولية (منظمة الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي وغيرها) والسفارات والمؤسسات العمومية والخاصة الوطنية منها والأجنبية.
وقد أقام المعهد مؤخرا شراكة مع عدة قطاعات عمومية وخاصة ذات اهتمام بالترجمة وذلك بهدف إنشاء وحدة تعنى بالترجمة وبعدها مركز للترجمة في إطار تخصصات متنوعة وبلغات متعددة تقفِّياً لآثار منشئي بيت الحكمة.
لذا يعتبر معهد الترجمة الأرض الخصبة التي بالإمكان استثمارها واستغلالها في التكوين النوعي والكمي للمترجمين والتراجمة وهو منفتح على كل الطلبات بهذا الشأن ليستمر في الإسهام في دعم ميدان الترجمة بشقيها التحريري والشفوي وسوق العمل المتنامي الذي يبدي حاجة ماسة وملحة لذوي الاختصاص في الترجمة ولاسيما من العربية وإليها.